رأي

التقليد الأعمى وتحديات الأسرة في العصر الحديث قراءة حول توصيات صالون المرأة التشادية

بقلم محمد يوسف الحسنة

مع تراجع الغرب عن العديد من القوانين التي وضعها في ظل العلمانية، وخاصة تلك المتعلقة بالأسرة، ظهرت آثار سلبية خطيرة على مجتمعاتهم. فقد اتسمت هذه القوانين بعدم التوازن، مما أدى إلى عزوف الكثيرين عن الزواج بسبب التعقيدات القانونية والمالية التي تترتب عليه، الأمر الذي أضعف بنية المجتمع هناك. واليوم، يعكف الغرب على محاولة إصلاح هذه الأخطاء من خلال سن قوانين جديدة تهدف إلى دعم الأسرة، بعدما أدت التعديلات السابقة إلى تفكيكها وإعادة تعريفها بشكل يخرجها عن إطارها الطبيعي والفطري.

ورغم هذا التراجع الغربي، لا يزال بعض أبناء مجتمعاتنا منبهرين بالنموذج الغربي القديم، فيروجون لأفكار تتعارض مع الشرع والقيم، كأننا نعيش في فترة السبعينات عندما كان الانبهار بالثقافة الغربية في أوجه. إن مسألة حقوق الأسرة لا ينبغي أن تُؤخذ بانتقائية أو أن تُستخدم كأداة لتبرير تشريعات ظالمة. ومن القضايا الجدلية التي تستدعي التأمل: لماذا تستحوذ المرأة على جزء كبير من ممتلكات الرجل بعد الطلاق؟

الطلاق بين العدالة والعقوبة

الطلاق ليس جريمة، بل هو خيار مشروع للطرفين عندما تصبح الحياة الزوجية غير ممكنة. غير أن بعض القوانين الغربية تتعامل مع الطلاق وكأنه جريمة يتحمل الرجل وحده مسؤوليتها، فتفرض عليه عقوبات مالية كبيرة تحت مسمى “حقوق الزوجة”. فهل هذه القوانين تهدف حقًا إلى تحقيق العدالة، أم أنها مجرد محاولة لمعاقبة الرجل وإخضاعه تحت ذريعة المساواة؟

في الشريعة الإسلامية، نجد أن العدل هو الأساس في كل التشريعات الأسرية، حيث يتم تنظيم الحقوق والواجبات بشكل متوازن. فالمرأة لها حقوقها المشروعة مثل النفقة خلال العدة والمتعة إن استحقت، ولكن دون أن يكون هناك استنزاف غير مبرر لحقوق الرجل. أما في بعض الأنظمة الغربية، فإن تقسيم الممتلكات بعد الطلاق يتم بآلية غير منصفة، حيث قد تخسر الزوجة حقوقها الطبيعية في الاستقرار المالي إذا لم تكن تعمل، بينما يتحمل الرجل وحده العبء المالي حتى لو لم يكن مسؤولًا عن انهيار الزواج.

نحو تشريعات عادلة

إن العدالة الحقيقية تقتضي أن يكون هناك توازن بين حقوق الرجل والمرأة في حالة الطلاق، بحيث يحصل كل طرف على ما يستحقه بناءً على مساهمته الفعلية في الحياة الزوجية. ومن هنا، فإن استيراد القوانين الغربية بدون تمحيص أو مراعاة لخصوصية مجتمعاتنا هو شكل من أشكال التقليد الأعمى الذي يؤدي إلى تفكيك الأسرة بدلاً من دعمها. فبدلًا من الانبهار بالتجارب الأجنبية، ينبغي أن نستفيد منها بشكل نقدي، ونطور قوانيننا بما يحفظ تماسك الأسرة واستقرار المجتمع.

  • Related Posts

    رسميا صحيفة نبراس تشاد Nibrasse-Tchad

    رسميا صحيفة نبراس تشاد Nibrasse-Tchad تطلق موقعها الإلكتروني ، وتدعوا كل متابعيها من اليوم فصاعد يجدون كل نشاطات الصحيفة عبر موقعها الإلكتروني  https://Nibrasse-tchad.com

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    You Missed

    الحشط

    الحشط

    القضايا الزوجية على ضوء تعاليم الشريعة الإسلامية والشرائع الأخرى السماوية – حديث الساعة والأسبوع الوطني للمرأة التشادية-*

    القضايا الزوجية على ضوء تعاليم الشريعة الإسلامية والشرائع الأخرى السماوية – حديث الساعة والأسبوع الوطني للمرأة التشادية-*

    مدير شركة الكهرباء يعتذر لإنقطاع التيار الكهربي

    مدير شركة الكهرباء يعتذر لإنقطاع التيار الكهربي

    رأي

    رأي

    الدكتور محمد موسى حليو

    الدكتور محمد موسى حليو

    رسميا صحيفة نبراس تشاد Nibrasse-Tchad

    رسميا صحيفة نبراس تشاد Nibrasse-Tchad