إشكالية قانون الأسرة بين الإرتباطات الخارجية والقيم الوطنية

نبراس تشاد

بقلم  الحاج أبكر إسحاق

إن من المعضلات التي راقفت البلدان العربية والإسلامية في قوانينها الوضعية بنود قانون الأسرة ؛ ذلك أن الاتفاقيات الدولية التي تتعلق بشأن المرأة ، ك-“إتفاقية سيداو”(اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة) ، والتي تم اعتمادها من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1979 ، والتي تعد بمثابة شرعة دولية ، – فرضت على الدول الأطراف تطبيق بنودها .

وماجمهورية تشاد ببعيدة عن تلك الدول ، ولكن المشكلة الأساسية تكمن في أن بنود هذه الاتفاقية تصطدم مع الشريعة الإسلامية – التي نظمت مجال الأسرة وأولت لها اهتماما بالغا ، يدرك ذلك من يتأمل في القرآن الكريم ، حيث إن التفصيل الذي جاء في شأن الأسرة في كتاب الله العظيم لم يأت لا في الصلاة ولا في الزكاة ولا في الصيام ، بدء من الزواج والنفقة والرضاعة والعشرة الحسنة والولاية والطلاق السني ……

فبنود هذه الاتفاقية تتعارض مع مبادئ الشريعة في قضايا الأسرة
ومما عزز الاصطدام أن الاتفاقية الدولية تسمو على القوانين الوطنية عند دساتير كثيرة من دول العالم ، بل إن اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات يقر بسمو المعاهدات الدولية على القوانين الوطنية.

إن مما نشهده في الساحة الإعلامية التشادية في هذه الأيام ما هو إلا امتداد لمحاولات سابقة باءت بالفشل حول اعتماد وتطبيق قانون الأسرة بحلته الغربية في تشاد ؛ من أسباب هذه المعضلة أن المؤيدين لهذا القانون لم يراعوا طبيعة المجتمع التشادي المحافظ على دينه وعاداته وتقاليده ، بقدر ما يحافظون على المصالح الخارجية، بحيث أدخلوا في مشروع قانون الأسرة أمورا ماأنزل الله بها من سلطان ولن يقبلها الشعب التشادي العظيم .

من جانبا الرافضين للمشروع طوال هذه السنين لم نقدم بديلا ولومدونة تحتوي على نصوص تتعلق بوضعية الأسرة في ضوء الشريعة الإسلامية ، ووفق عاداتنا وتقاليد المحمودة للشعب التشادي ، سوى موقفنا الثابت بكون أن هذا القانون يمس قيمنا ومبادءنا الإسلامية مباشرة ، وهذا جعل الطرف الأول لم يتراجع عن مشروعه مستغلا بعض الأحداث العنيفة تجاه المرأة ، والفراغ القانوني الذي يشهده هذا المجال .

ثم إن علمنة الدولة دستوريا شكل عائقا أمام المؤسسات الإسلامية لتؤدي دورها الأساسي في القضايا والمبادئ الإسلامية عندما تتعارض مع قوانين الدولة.

فلذلك أن التجاوز من هذه المعضلة تتطلب من المنابر الدينية والمؤسسات الإسلامية جهودا كبيرة بتوحيد الكلمة والرؤى في هذه القضية ، ورفض من هذا المشروع مايتعارض ومبادئ الشريعة الإسلامية والتقاليد التشادية المحمودة ، وتقديم حلول بديلة عنه ما يتطابق مع ديننا وقيمنا ، ثم شرح وإيضاح ما جاء في الكتاب والسنة من الحقوق الزوجية والعشرة القائمة على الإحسان والفضل التي تجاوزت حد التعاقد الذي يرد في جل مدونات الأسرة ، قال الله تعالى :(ولاتنسوا الفضل بينكم ) ، وقال النبي صلى اللهعليه وسلم(خيركم خير لأهله وأنا خيركم لأهلي ).

طالب في كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس ، ماستر الدراسات الدولية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله .

  • Related Posts

    إنعدام الأمن والأمان في دولة تدعي السيادة

    معدلات ارتفاع الجريمة واسبابها

    بقلم_محمد يوسف الحسنة تشهد مدينة أنجمينا في الآونة الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في معدلات الجرائم، لا سيما تلك المتعلقة بالسطو المسلح والقتل. والمثير للقلق أن هذه الجرائم تُرتكب في وضح النهار،…

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    You Missed

    إنعدام الأمن والأمان في دولة تدعي السيادة

    إنعدام الأمن والأمان في دولة تدعي السيادة

    إشكالية قانون الأسرة بين الإرتباطات الخارجية والقيم الوطنية

    إشكالية قانون الأسرة بين الإرتباطات الخارجية والقيم الوطنية

    معدلات ارتفاع الجريمة واسبابها

    معدلات ارتفاع الجريمة واسبابها

    الحشط

    الحشط

    القضايا الزوجية على ضوء تعاليم الشريعة الإسلامية والشرائع الأخرى السماوية – حديث الساعة والأسبوع الوطني للمرأة التشادية-*

    القضايا الزوجية على ضوء تعاليم الشريعة الإسلامية والشرائع الأخرى السماوية – حديث الساعة والأسبوع الوطني للمرأة التشادية-*

    مدير شركة الكهرباء يعتذر لإنقطاع التيار الكهربي

    مدير شركة الكهرباء يعتذر لإنقطاع التيار الكهربي